هكذا ينبغي أن يكون طالب العلم
صفحة 1 من اصل 1
هكذا ينبغي أن يكون طالب العلم
نقل الإمام الذهبي - رحمه الله - تاريخ الإسلام ( 20 / 319 ) قصة الرحلة ( المكوكية ! ) للإمام العلم بقي بن مخلد الشيباني - رحمه الله - فقال :
ونقل بعض العلماء من كتاب حفيده عبد الرحمن بن أحمد بن بقيّ : سمعت أبي يقول :
رحل أبي من مكّة إلى بغداد ، وكان جلَّ بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل.
قال : فلمّا قربت بلغتني المحنة ، وأنّه ممنوع . فاغتممت غمّاً شديداً ، فأحللت بغداد ، واكتريت بيتاً في فندق ، ثمّ أتيت الجامع ، وأنا أريد أن أجلس إلى النّاس ، فدفعت إلى حلقةٍ نبيلة ، فإذا برجلٍ يتكلَّم في الرجال ، فقيل لي : هذا يحيى بن معين .
ففرجت لي فرجةً ، وقمت إليه ، فقلت : يا أبا زكريّا - رحمك الله - رجل غريب ناءٍ عن وطنه ، يحبُّ السُّؤال فلا تستجفني .
فقال : قل .
فسألته عن بعض من لقيته ، فبعضاً من لقيته ، فبعضاً زكّى ، وبعضاً جرَّح .
فسألت عن هشام بن عمّار ، فقال لي : أبو الوليد صاحب صلاة دمشق ، ثقة وفوق الثقة ، ولو كان تحت ردائه كبراً ومتقلداً كبراً ما ضرّه شيئاً لخيره وفضله .
فصاح أصحاب الحلقة : يكفيك - رحمك الله - غيرك له سؤال .
فقلت - وأنا واقف على قدميّ - : أكشفك عن رجلٍ واحد : أحمد بن حنبل !!!
فنظر إليَّ كالمتعجّب ، وقال لي : ومثلنا نحن نكشف عن أحمد بن حنبل : ذاك إمام المسلمين ، وأخبرهم وفاضلهم .
فخرجت أستدلّ على منزل أحمد ، فدللت عليه . فقرعت بابه، فخرج إليَّ ، فقلت : يا ابا عبد الله رجل غريب نائي الدّار ، وهذا أول دخولي هذا البلد ، وأنا صاحب حديث ، ومقيَّد بسنّة ، ولم تكن رحلتي إلاّ إليك .
فقال : أدخل الأسطوانة ، ولا يقع عليك عين . فدخلت .
فقال لي : وأين موضعك ؟
قلت: المغرب الأقصى .
قال : إفريقيّة؟
فقلت له : أبعد من إفريقيّة ، أجوز من بلد البحر إلى إفريقيّة ، الأندلس .
قال له : موضعك لبعيد ، وما كان شيء أحبُّ إليَّ من أن أحسن عون مثلك ، غير أنيّ ممتحن بما لعلّه قد بلغلك .
فقلت له : بلى ، لقد بلغني ، وهذا أوّل دخولي ، وأنا مجهول العين عندكم ، فإذا أذنت لي أن آتي كلَّ يوم في زيّ السّوّآل ، فأقول عند الباب ما يقوله السّائل ، فتخرج إلى هذا الموضع ، فلو لم تحدثني كلّ يوم إلى بحديث واحد لكان لي فيه كفاية .
فقال لي : نعم على شرط أن لا تظهر في الحلق ، ولا عند المحدِّثين .
فقلت : لك شرطك .
فكنت آخذ عوداً بيدي ، وألف رأسي بخرقةٍ مدنسَّة وآتي بابه ، فأصيح : الأجر - رحمكم الله - والسُّؤال هناك كذلك ، فيخرج إليَّ ، ويغلق الباب ، ويحدّثني بالحديثين ، والثلاثة ، والأكثر ، فالتزمت ذلك حتّى مات الممتحن له ، وولي بعد إليه آباط الإبل ، فكان يعرف لي حقّ صبري ، فكنت إذا أتيت حلقته فسحٍ لي ، ويقصّ على أصحاب الحديث قصّتي معه . فكان يناولني الحديث مناولةً ، ويقرأه علي ، وأقرأه عليه ، يقول : ومرضت مرضة ، ففقدني من مجلسه ، فسأل عني ، فعلم بمرضي ، فقام مباشرة عائداً إليَّ ، قال : فسمعت الفندق قد ارتج بأهله ، وأنا أسمعهم يقولون : هو ذاك ، أبصروه ، هذا إمام
المسلمين مقبلاً ، فبدر إليَّ صاحب الفندق مسرعاً ، فقال لي : يا أبا عبد الرحمن ! هذا أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمام المسلمين مقبلاً إليك ، عائداً لك ، فدخل ، فجلس عند رأسي ، وقد احتشى البيت من أصحابه فلم يسعهم ؛ حتى صارت فرقة منهم في الدار وقوفاً ، وأقلامهم بأيديهم ، فما زادني على هذه الكلمات ، فقال لي :
يا أبا عبد الرحمن ! أبشر بثواب الله ، أيامُ الصِّحِّةِ لا سُقمَ فيها ، وأيامُ السقمِ لا صحَّة فيها ، أعادك الله إلى العافية .
ثم خرج عني ، فأتاني أهل الفندق يلطفون بي ويخدمونني ديانة وحسبة ؛ فأحدهم يأتي بالفراش ، وآخر باللحاف وبأطايب من الأغذية ، وكانوا في تمريضي أكثر من تمريض أهلي لو كنت بين أظهرهم .
ونقل بعض العلماء من كتاب حفيده عبد الرحمن بن أحمد بن بقيّ : سمعت أبي يقول :
رحل أبي من مكّة إلى بغداد ، وكان جلَّ بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل.
قال : فلمّا قربت بلغتني المحنة ، وأنّه ممنوع . فاغتممت غمّاً شديداً ، فأحللت بغداد ، واكتريت بيتاً في فندق ، ثمّ أتيت الجامع ، وأنا أريد أن أجلس إلى النّاس ، فدفعت إلى حلقةٍ نبيلة ، فإذا برجلٍ يتكلَّم في الرجال ، فقيل لي : هذا يحيى بن معين .
ففرجت لي فرجةً ، وقمت إليه ، فقلت : يا أبا زكريّا - رحمك الله - رجل غريب ناءٍ عن وطنه ، يحبُّ السُّؤال فلا تستجفني .
فقال : قل .
فسألته عن بعض من لقيته ، فبعضاً من لقيته ، فبعضاً زكّى ، وبعضاً جرَّح .
فسألت عن هشام بن عمّار ، فقال لي : أبو الوليد صاحب صلاة دمشق ، ثقة وفوق الثقة ، ولو كان تحت ردائه كبراً ومتقلداً كبراً ما ضرّه شيئاً لخيره وفضله .
فصاح أصحاب الحلقة : يكفيك - رحمك الله - غيرك له سؤال .
فقلت - وأنا واقف على قدميّ - : أكشفك عن رجلٍ واحد : أحمد بن حنبل !!!
فنظر إليَّ كالمتعجّب ، وقال لي : ومثلنا نحن نكشف عن أحمد بن حنبل : ذاك إمام المسلمين ، وأخبرهم وفاضلهم .
فخرجت أستدلّ على منزل أحمد ، فدللت عليه . فقرعت بابه، فخرج إليَّ ، فقلت : يا ابا عبد الله رجل غريب نائي الدّار ، وهذا أول دخولي هذا البلد ، وأنا صاحب حديث ، ومقيَّد بسنّة ، ولم تكن رحلتي إلاّ إليك .
فقال : أدخل الأسطوانة ، ولا يقع عليك عين . فدخلت .
فقال لي : وأين موضعك ؟
قلت: المغرب الأقصى .
قال : إفريقيّة؟
فقلت له : أبعد من إفريقيّة ، أجوز من بلد البحر إلى إفريقيّة ، الأندلس .
قال له : موضعك لبعيد ، وما كان شيء أحبُّ إليَّ من أن أحسن عون مثلك ، غير أنيّ ممتحن بما لعلّه قد بلغلك .
فقلت له : بلى ، لقد بلغني ، وهذا أوّل دخولي ، وأنا مجهول العين عندكم ، فإذا أذنت لي أن آتي كلَّ يوم في زيّ السّوّآل ، فأقول عند الباب ما يقوله السّائل ، فتخرج إلى هذا الموضع ، فلو لم تحدثني كلّ يوم إلى بحديث واحد لكان لي فيه كفاية .
فقال لي : نعم على شرط أن لا تظهر في الحلق ، ولا عند المحدِّثين .
فقلت : لك شرطك .
فكنت آخذ عوداً بيدي ، وألف رأسي بخرقةٍ مدنسَّة وآتي بابه ، فأصيح : الأجر - رحمكم الله - والسُّؤال هناك كذلك ، فيخرج إليَّ ، ويغلق الباب ، ويحدّثني بالحديثين ، والثلاثة ، والأكثر ، فالتزمت ذلك حتّى مات الممتحن له ، وولي بعد إليه آباط الإبل ، فكان يعرف لي حقّ صبري ، فكنت إذا أتيت حلقته فسحٍ لي ، ويقصّ على أصحاب الحديث قصّتي معه . فكان يناولني الحديث مناولةً ، ويقرأه علي ، وأقرأه عليه ، يقول : ومرضت مرضة ، ففقدني من مجلسه ، فسأل عني ، فعلم بمرضي ، فقام مباشرة عائداً إليَّ ، قال : فسمعت الفندق قد ارتج بأهله ، وأنا أسمعهم يقولون : هو ذاك ، أبصروه ، هذا إمام
المسلمين مقبلاً ، فبدر إليَّ صاحب الفندق مسرعاً ، فقال لي : يا أبا عبد الرحمن ! هذا أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمام المسلمين مقبلاً إليك ، عائداً لك ، فدخل ، فجلس عند رأسي ، وقد احتشى البيت من أصحابه فلم يسعهم ؛ حتى صارت فرقة منهم في الدار وقوفاً ، وأقلامهم بأيديهم ، فما زادني على هذه الكلمات ، فقال لي :
يا أبا عبد الرحمن ! أبشر بثواب الله ، أيامُ الصِّحِّةِ لا سُقمَ فيها ، وأيامُ السقمِ لا صحَّة فيها ، أعادك الله إلى العافية .
ثم خرج عني ، فأتاني أهل الفندق يلطفون بي ويخدمونني ديانة وحسبة ؛ فأحدهم يأتي بالفراش ، وآخر باللحاف وبأطايب من الأغذية ، وكانوا في تمريضي أكثر من تمريض أهلي لو كنت بين أظهرهم .
أبو أحمد هداية- سلفى موهوب
- المساهمات : 135
تاريخ التسجيل : 06/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء مارس 17, 2009 3:09 pm من طرف بنت السلفية
» اللقاء الثاني من كتاب للمعة الاعتقاد
السبت مارس 14, 2009 3:27 am من طرف بنت السلفية
» تعليق حول ما يروى في الإسرائيليات:أنَّ اللَّهَ حَرَمَ قَوْمًا مِنْ بَنِي إسْرَائِيل السُّقْيَا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ عَاصٍ وَاحِدٌ
الجمعة مارس 13, 2009 1:25 pm من طرف بنت السلف
» حقيقة ( الـمفـكـر سيد قطب ) في ميزان علماء السنة
الثلاثاء مارس 10, 2009 8:50 pm من طرف ام مريم
» لاميه لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله
الثلاثاء مارس 10, 2009 12:40 pm من طرف بنت السلفية
» كيف نرد علي المعطلة الذين انكروا صفات الله ,و فسروها؟؟ الجزء الاول
الإثنين مارس 09, 2009 12:10 am من طرف بنت السلف
» من أقوال ""أبن القيم رحمه الله .
الأحد مارس 08, 2009 1:27 am من طرف بنت السلفية
» خطبة الجمعة للاخ علي بن زيد المدخلي ثبته الله 11-2-1430 مع تعليق الشيخ زيد المدخلي حفظه
السبت مارس 07, 2009 5:58 pm من طرف ابن السلف
» الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام
الثلاثاء فبراير 10, 2009 1:18 pm من طرف بنت السلف
» حوار بين الملك العادل عبدالعزيز آل سعود السلفي وبين حسن البنا الصوفي
الأربعاء فبراير 04, 2009 9:23 pm من طرف بنت السلف
» رسالة: من هم العلماء؟
الأحد فبراير 01, 2009 7:42 pm من طرف أبو عبدالرحمن الميموني
» ما يجب علينا فعله نحو الأحداث المروعة للعلامة صالح الفوزان متعه الله بالصحة و العافيه
الثلاثاء يناير 20, 2009 12:31 pm من طرف أبو أحمد هداية
» دروس يوم الخميس لغرفة المعهد الشرعي السلفي
الأربعاء يناير 14, 2009 8:42 pm من طرف بنت السلف
» أخبار جديدة عن صحة شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه المولى وبارك فيه
الثلاثاء يناير 06, 2009 1:55 am من طرف أبو أحمد هداية
» جديد كلمات وتوجيهات الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله حول أحداث غزه أعانهم الله على عدوهم
الإثنين يناير 05, 2009 2:32 pm من طرف أبو أحمد هداية
» البيان الأخوي الحميم على حدث «غَزَّةَ» الأليم إدارةَ موقعِ الشيخِ محمدِ علي فركوس -حفظه الله-
الأحد يناير 04, 2009 4:15 pm من طرف أبو أحمد هداية
» هل هناك فرق بين العقيدة والمنهج؟ جمع لكلام أهل العلم فيه
السبت يناير 03, 2009 1:18 pm من طرف أبو أحمد هداية
» جمع أقوال أهل العلم في أحداث غزه أعانهم الله على عدوهم
الجمعة يناير 02, 2009 2:30 am من طرف أبو أحمد هداية
» تاريخ الرافضــــة الإرهابي ....
الأحد نوفمبر 23, 2008 12:55 pm من طرف بنت السلف
» كلام أهل العلم في مسألة الخروج على الحكام
الأحد نوفمبر 23, 2008 12:39 pm من طرف ام حاتم