متى يكون القلب صالحًا للعلم ؟
صفحة 1 من اصل 1
متى يكون القلب صالحًا للعلم ؟
القلب للعلم كالإناء للماء، والوعاء للعسل، والوادي للسيل، كما قال تعالى: {أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} الآية [الرعد: 17]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا، فكانت منها طائفة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فسقى الناس وزرعوا، وأصاب منها طائفة، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ،فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما أرسلت به، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)، وفي حديث كميل بن زياد عن علي - رضي الله عنه- قال: القلوب أوعية فخيرها أوعاها. وبلغنا عن بعض السلف قال: القلوب آنية الله في أرضه، فأحبها إلى الله تعالى أرقها وأصفاها، وهذا مثلٌ حسن، فإن القلب إذا كان رقيقًا لينًا كان قبوله للعلم سهلا يسيرًا، ورسخ العلم فيه وثبت وأثر، وإن كان قاسيًا غليظًا كان قبوله للعلم صعبًا عسيرًا.
ولابد مع ذلك أن يكون زكيا صافيًا سليمًا، حتى يزكو فيه العلم ويثمر ثمرًا طيبًا، وإلا فلو قبل العلم وكان فيه كدر وخبث أفسد ذلك العلم، وكان كالدغل في الزرع إن لم يمنع الحب من أن ينبت منعه من أن يزكو ويطيب، وهذا بيِّن لأولي الأبصار.
و تلخيص هذه الجملة: أنه إذا استعمل في الحق فله وجهان:
*وجه مقبل على الحق، ومن هذا الوجه يقال له: وعاء وإناء ؛ لأن ذلك يستوجب ما يوعي فيه ويوضع فيه، وهذه الصفة صفة وجود وثبوت.
*ووجه معرض عن الباطل، ومن هذا الوجه يُقال له: زكيٌ وسليم وطاهر؛ لأن هذه الأسماء تدل على عدم الشر وانتفاء الخبث والدغل، وهذه الصفة صفة عدم ونفي.
وبهذا يتبيَّن أنه إذا صُرف إلى الباطل فله وجهان كذلك:
*وجه الوجود: أنه منصرف إلى الباطل مشغول به.
*ووجه العدم: أنه معرض عن الحق غير قابل له.
وهذا يبين من البيان والحسن والصدق ما في قوله:
إذا ما وضعت القلب في غير موضع ** بغيـر إناء فهو قلـب مضـيع
فإنه لما أراد أن يبيِّن حال من ضيع قلبه، فظلم نفسه بأن اشتغل بالباطل وملأ به قلبه حتى لم يبق فيه متسع للحق، ولا سبيل له إلى الولوج فيه، ذكر ذلك منه، فوصف حال هذا القلب بوجهيه، ونعته بمذهبيه، فذكر أولًا وصف الوجود منه فقال:
إذا ما وضعت القلب في غير موضع.
يقول: إذا شغلته بما لم يخلق له فصرفته إلى الباطل حتى صار موضوعا فيه، ثم الباطل على منزلتين:
إحداهما: تشغل عن الحق ولا تعانده مثل الأفكار والهموم التي في علائق الدنيا وشهوات النفس.
والثانية: تعاند الحق وتصد عنه، مثل الآراء الباطلة، والأهواء المردية من الكفر والنفاق والبدع وشبه ذلك، بل القلب لم يخلق إلا لذكر الله، فما سوى ذلك فليس موضعًا له.
مجموع فتاوى ابن تيمية-رحمه الله
ولابد مع ذلك أن يكون زكيا صافيًا سليمًا، حتى يزكو فيه العلم ويثمر ثمرًا طيبًا، وإلا فلو قبل العلم وكان فيه كدر وخبث أفسد ذلك العلم، وكان كالدغل في الزرع إن لم يمنع الحب من أن ينبت منعه من أن يزكو ويطيب، وهذا بيِّن لأولي الأبصار.
و تلخيص هذه الجملة: أنه إذا استعمل في الحق فله وجهان:
*وجه مقبل على الحق، ومن هذا الوجه يقال له: وعاء وإناء ؛ لأن ذلك يستوجب ما يوعي فيه ويوضع فيه، وهذه الصفة صفة وجود وثبوت.
*ووجه معرض عن الباطل، ومن هذا الوجه يُقال له: زكيٌ وسليم وطاهر؛ لأن هذه الأسماء تدل على عدم الشر وانتفاء الخبث والدغل، وهذه الصفة صفة عدم ونفي.
وبهذا يتبيَّن أنه إذا صُرف إلى الباطل فله وجهان كذلك:
*وجه الوجود: أنه منصرف إلى الباطل مشغول به.
*ووجه العدم: أنه معرض عن الحق غير قابل له.
وهذا يبين من البيان والحسن والصدق ما في قوله:
إذا ما وضعت القلب في غير موضع ** بغيـر إناء فهو قلـب مضـيع
فإنه لما أراد أن يبيِّن حال من ضيع قلبه، فظلم نفسه بأن اشتغل بالباطل وملأ به قلبه حتى لم يبق فيه متسع للحق، ولا سبيل له إلى الولوج فيه، ذكر ذلك منه، فوصف حال هذا القلب بوجهيه، ونعته بمذهبيه، فذكر أولًا وصف الوجود منه فقال:
إذا ما وضعت القلب في غير موضع.
يقول: إذا شغلته بما لم يخلق له فصرفته إلى الباطل حتى صار موضوعا فيه، ثم الباطل على منزلتين:
إحداهما: تشغل عن الحق ولا تعانده مثل الأفكار والهموم التي في علائق الدنيا وشهوات النفس.
والثانية: تعاند الحق وتصد عنه، مثل الآراء الباطلة، والأهواء المردية من الكفر والنفاق والبدع وشبه ذلك، بل القلب لم يخلق إلا لذكر الله، فما سوى ذلك فليس موضعًا له.
مجموع فتاوى ابن تيمية-رحمه الله
أبو أحمد هداية- سلفى موهوب
- المساهمات : 135
تاريخ التسجيل : 06/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء مارس 17, 2009 3:09 pm من طرف بنت السلفية
» اللقاء الثاني من كتاب للمعة الاعتقاد
السبت مارس 14, 2009 3:27 am من طرف بنت السلفية
» تعليق حول ما يروى في الإسرائيليات:أنَّ اللَّهَ حَرَمَ قَوْمًا مِنْ بَنِي إسْرَائِيل السُّقْيَا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ عَاصٍ وَاحِدٌ
الجمعة مارس 13, 2009 1:25 pm من طرف بنت السلف
» حقيقة ( الـمفـكـر سيد قطب ) في ميزان علماء السنة
الثلاثاء مارس 10, 2009 8:50 pm من طرف ام مريم
» لاميه لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله
الثلاثاء مارس 10, 2009 12:40 pm من طرف بنت السلفية
» كيف نرد علي المعطلة الذين انكروا صفات الله ,و فسروها؟؟ الجزء الاول
الإثنين مارس 09, 2009 12:10 am من طرف بنت السلف
» من أقوال ""أبن القيم رحمه الله .
الأحد مارس 08, 2009 1:27 am من طرف بنت السلفية
» خطبة الجمعة للاخ علي بن زيد المدخلي ثبته الله 11-2-1430 مع تعليق الشيخ زيد المدخلي حفظه
السبت مارس 07, 2009 5:58 pm من طرف ابن السلف
» الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام
الثلاثاء فبراير 10, 2009 1:18 pm من طرف بنت السلف
» حوار بين الملك العادل عبدالعزيز آل سعود السلفي وبين حسن البنا الصوفي
الأربعاء فبراير 04, 2009 9:23 pm من طرف بنت السلف
» رسالة: من هم العلماء؟
الأحد فبراير 01, 2009 7:42 pm من طرف أبو عبدالرحمن الميموني
» ما يجب علينا فعله نحو الأحداث المروعة للعلامة صالح الفوزان متعه الله بالصحة و العافيه
الثلاثاء يناير 20, 2009 12:31 pm من طرف أبو أحمد هداية
» دروس يوم الخميس لغرفة المعهد الشرعي السلفي
الأربعاء يناير 14, 2009 8:42 pm من طرف بنت السلف
» أخبار جديدة عن صحة شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه المولى وبارك فيه
الثلاثاء يناير 06, 2009 1:55 am من طرف أبو أحمد هداية
» جديد كلمات وتوجيهات الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله حول أحداث غزه أعانهم الله على عدوهم
الإثنين يناير 05, 2009 2:32 pm من طرف أبو أحمد هداية
» البيان الأخوي الحميم على حدث «غَزَّةَ» الأليم إدارةَ موقعِ الشيخِ محمدِ علي فركوس -حفظه الله-
الأحد يناير 04, 2009 4:15 pm من طرف أبو أحمد هداية
» هل هناك فرق بين العقيدة والمنهج؟ جمع لكلام أهل العلم فيه
السبت يناير 03, 2009 1:18 pm من طرف أبو أحمد هداية
» جمع أقوال أهل العلم في أحداث غزه أعانهم الله على عدوهم
الجمعة يناير 02, 2009 2:30 am من طرف أبو أحمد هداية
» تاريخ الرافضــــة الإرهابي ....
الأحد نوفمبر 23, 2008 12:55 pm من طرف بنت السلف
» كلام أهل العلم في مسألة الخروج على الحكام
الأحد نوفمبر 23, 2008 12:39 pm من طرف ام حاتم